متشددون يهدمون مركزاً اسلامياً أثرياً في المدينة المنورة |
بسم الله الرحمن الرحيم المدينة المنورة نقلت بعض المصادر بأنه قد تم إزالة أحد المعالم الدينية والمراكز الإسلامية الأثرية في المدينة المنورة بالسعودية الأسبوع الماضي. وذكرت المصادر القريبة من الحدث بأن جرافات ومعدات هدم عديدة قامت في صباح يوم الاثنين الموافق 12/8/2002م بالتجهيز لهدم مقام السيد علي العريضي (766-825م) وهو ابن الإمام جعفر الصادق سادس أئمة الطائفة الشيعية الإمامة والذي يعد من أبرز علماء المسلمين وفقهائهم. وجرت اتصالات عديدة بكبار المسئولين في الحكومة السعودية والمؤسسة الدينية لمحاولة إيقاف هدم هذا المعلم الأثري والديني الهام، ولكن بعض المتشددين من رجال الدين قاموا في مساء ذات اليوم بهدم المقام وتسويته بالأرض. ويقع مقام السيد علي العريضي في قرية العريض التي ينسب إليها، وكانت منطقة زراعية تقع على بعد أربعة أميال خارج المدينة المنورة وهي اليوم منطقة عامرة بالسكان على الطريق المؤدي إلى مطار الأمير محمد بن عبد العزيز الدولي. وكان هذا المقام إلى ما قبل حوالي خمسين سنة مركزا إسلاميا مهما لتدريس الدروس الدينية وكان يحتوي على مكتبة عامة كبيرة تحوي عشرات الآلاف من الكتب والمصادر الرئيسية للدارسين والباحثين في الدراسات الإسلامية. ويحتج هؤلاء المتشددون الذين يتبعون منهج الشيخ محمد بن عبد الوهاب ويطلق عليهم "الوهابيون" بأن المقام قد أصبح مقصودا من قبل الكثير من المسلمين من أهالي المدينة المنورة وزائريها للصلاة فيه، ويعتقدون أن ذلك تقديسا غير شرعي لمثل هذه الأماكن الدينية وذلك على خلاف بقية المذاهب الإسلامية. وعلى الرغم من جهود الحكومة السعودية لتنشيط السياحة الدينية والحفاظ على الآثار الإسلامية واستحداث لجنة عليا لذلك برئاسة الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، إلا أن نشاط الوهابيين المتشددين يحول دون تطوير المعالم الدينية وتنشيط السياحة الدينية في البلاد. وقد سبق لهؤلاء أيضا أن مارسوا ضغوطا شديدة على الحكومة من أجل هدم قلعة "أجياد" في مكة المكرمة قبل بضعة أشهر وتحويلها إلى مراكز تجارية وسكنية حديثة، كما تم هدم العديد من المواقع الأثرية والدينية في مناطق مختلفة من المملكة للغرض ذاته. وقالت أنباء مقربة من شخصيات حجازية أن استياءً كبيراً عمّ الأوساط الدينية والشعبية غير السلفية، وإحساساً بالغضب المتفاقم يسود مكة المكرمة والمدينة المنورة (حيث يوجد الضريح) وجدة، جراء الفعلة المنكرة.. وقد أجج الحدث المخاوف من إقدام الوهابيين على تدمير القبة الخضراء على ضريح الرسول صلى الله عليه وسلم، وإخراج قبر الرسول من المسجد، وهو ما أمّله السعوديون منذ استيلائهم على الحجاز ولكنهم ووجهوا بمقاومة من قبل عموم المسلمين. وتقول مصادر من جدة، أن شخصيات حجازية دينية وغيرها كتبت الى الأمير عبد الله ورجال العائلة المالكة مستنكرة الفعلة الشنيعة، علم بينهم الدكتور عاصم حمدان، والأستاذ عبد الله فدعق، كما أن الدكتور محمد عبده يماني، وزير الأعلام السعودي الأسبق، شكّل وفداً من أهل الحجاز والتقوا بولي العهد قبل يومين احتجوا أثناءه على تدمير الضريح، وأشاروا الى أن مثل هذا الفعل لا مبرر له، خاصة وأنه بقي لعقود طويلة ولا يخدم التدمير أي هدف وطني في وقت تتعرض له المملكة لتهديدات بتقسيمها. وأشار الوفد الى ان السماح للمتطرفين السلفيين بتدمير الآثار الإسلامية يزيد في انقسام الشارع السعودي، ويعرض العلاقة بين الجمهور والعائلة المالكة الى خطر الإنشقاق. وتقول مصادر من الوفد الحجازي أن الأمير عبد الله أبلغ الوفد بأنه لا يعلم بما جرى، وأن أحداً لم يستشره، ملمحاً الى أن المسؤولية تقع على الجناح السديري الذي يحاول التودد للسلفية المتطرفة في صراعه مع ولي العهد نفسه. ويعتقد أن تدمير الضريح سيثير نقمة المسلمين في العالم، خاصة وأن شخصيات حجازية بدأت تتحرك على الصعيد العالمي لإثبات أن الوهابية المتطرفة المدعومة من العائلة المالكة غارقة في الجهل والتخلّف، وأنها أداة تشطير داخلي مثلما هي أداة تشطير للمسلمين جميعاً. |